صورة مركبة من فيلم وثائقي حول عمر المختار
صورة مركبة من فيلم وثائقي حول عمر المختار

يلقّبه الليبيون بـ"أسد الجبل الأخضر" بسبب مقاومته الشرسة لاستعمار إيطاليا لليبيا، متحصنا بالجبل الأخضر.

ولد عمر بن المختار بن عمر، المعروف بعُمر المختار، في سنة 1862، وكان مسقط رأسه في قرية جنزو بمنطقة الجبل الأخضر ببرقة، شرق ليبيا، وهو الجبل الذي سيكون ملجأ له طيلة فترة مواجهته للاستعمار.

1. نشأ يتيما وتربى بين الصوفية:

ينتمي عمر المختار إلى قبيلة المنفة، وقد عاش يتيم الأب، إذ فقد والده في رحلة حج، فتولى الشيخ حسين الغرياني، شيخ زاوية جنزور السنوسية، رعايته بوصية من أبيه، فأدخله مدرسة قرآنية تابعة للزاوية.

درس عمر المختار الفقه والحديث والتفسير، وتميز بثقافة دينية عميقة وبشخصية قيادية عززتها نشأته في الصحراء ومعرفته بالقبائل.

عمر المختار
عمر المختار

2. هذه مواصفاته الجسدية:

​​​يصفه الباحث في التاريخ، محمد الصلابي في كتاب له حول هذه الشخصية الليبية، قائلا: "كان عمر المختار متوسط القامة يميل إلى الطول قليلا، ولم يكن بالبدين الممتلئ أو النحيف الفارغ، أجشّ الصوت بدوي اللهجة، رصين المنطق، صريح العبارة، لا يمل حديثه، متزن في كلامه".

ويتابع الصلابي في وصف عمر المختار ذاكرا: "تفترّ ثناياه أثناء الحديث عن ابتسامة بريئة أو ضحكة هادئة إذا ما اقتضاها الموقف، كثيف اللحية وقد أرسلها منذ صغره، تبدو عليه صفات الوقار والجدية في العمل، والتعقل في الكلام والثبات عند المبدأ وقد أخذت هذه الصفات تتقدّم معه بتقدّم السن".

3. صار زعيما قبليا منذ صغره:

ساهمت صفات عمر المختار ونمط تربيته في أن يكون زعيما وقائدا منذ شبابه، إذ حاز ثقة مشايخ الطريقة السنوسية، فأسند إليه شيخ هذه الطريقة حينها، محمد المهدي السنوسي، مشيخة "زاوية القصور" بالجبل الأخضر سنة 1897.

يحكي الكاتب والأديب الليبي، محمد الطيب بن إدريس الأشهب، في كتابه "عمر المختار"، وقد كان معاصرا له، قصة عن شجاعة هذه الشخصية، قائلا: "كنا في قافلة، وما كادت القتل تقترب من مضيق حتى رأينا أسدا يتطلع إلينا، فقال أحدنا وقد ارتعشت فرائصه خوفا: أنا مستعد أن أتنازل عن بعير من بعيري ولا تحاولوا مشاكسة الأسد".

​​ويضيف الأشهب: "وانبرى السيد عمر المختار ببندقيته فرمى الأسد بالرصاصة الأولى فأصابته، ولكن في غير مقتل، واندفع الأسد يتهادى نحونا فرماه بأخرى صرعته، وارتبكنا جميعا خوفا.. وأصر السيد عمر على أن يسلخ جلده ليراه غيرنا من أصحاب القوافل، فكان له ما أراد".

في سنة 1906، صار عمر المختار قائدا لمعسكرات الزاوية السنوسية في الجبل الأخضر، استعدادا لمواجهة خطر الاستعمار، إذ بدأت تلوح نُذُر بأطماع استعمارية في ليبيا.

4. هذه أشرس معاركه:

في 29 سبتمبر 1911، أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، التي كانت ليبيا حينذاك جزءا منها، وبدأت السفن الحربية تقصف مدن الساحل الليبي، وكان عمر المختار في الموعد لمواجهة المستعمر.

يقول أستاذ التاريخ في جامعة طرابلس، الدكتور مصطفى بن نصر، عن هذه الفترة: "استطاع الشيخ عمر المختار أن ينظم حركة المقاومة خلال أشهر قليلة بعدما كانت مقاومة تفتقد للخبرة، وكانت مواجهته للإيطاليين بالكرّ والفرّ وليس مواجهة مباشرة، لعلمه أنه لن يقوَ على مواجهة جيش منظم يملك عتادا حربيا متطورا".

صورة توثق لأسر عمر المختار
صورة توثق لأسر عمر المختار

​​ويضيف أستاذ التاريخ، مصطفى بن نصر، لـ"أصوات مغاربية"، أن معارك عمر المختار كانت في الجبل الأخضر، لمعرفته بطبيعته الجغرافية، فألحق بهم هزائم كبدتهم مئات القتلى من الجنود والضباط.

واجه عمر المختار الجنود الإيطاليين في معارك لا حصر لها، أشهرها معركة هامة ومعركة بوشمال، ومعارك أم شخنب وشلظيمة والزويتينة، لكن أشرس معارك عمر المختار كان أم الشناتير وبئر الغبي، سنة 1927، إذ قرر الجيش الإيطالي حينها حشد قوات بكاملها لوقف عمر المختار.

5. حارب الاستعمار 20 سنة:

يذكر مصطفى بن نصر بأن الإيطاليين فاوضوا عمر المختار وحاولوا إغراءه في مرات عديدة لكنهم فشلوا، موضحا أنه كان يقبالهم بجملة واحد هي: ارحلوا من ليبيا كلها.

وللقضاء على ثورة عمر المختار، يقول بن نصر إن الإيطاليين لجؤوا إلى عزل سكان القبائل في أماكن تجمع، لأنهم كانوا يعتبرونهم عنصر الدعم الأساسي للمقاومين بالرجال والغذاء.

استطاع الإيطاليون أن يعزلوا عمر المختار عن جموع الداعمين له، وفي 1931 تمكنوا من أسره في معركة كبيرة، ونقلوه إلى بنغازي وأشاعوا خبر القبض عليه حتى يقضوا على معنويات الرافضين للاستعمار.

مشهد من فيلم عالمي شهير من إنتاج أميركي ليبي حول "عمر المختار" 

​​نُظمت محاكمة لعمر المختار في 15 سبتمبر 1931، ودافع فيها عن نفسه واعترف بأنه ظل يحارب الجنود الإيطاليين لأكثر من 20 عاما، ومن أشهر ما سجلته كتب التاريخ عنه، مخاطبته لخصمه، الجنرال غراتسياني، قائلا: نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت.

شُنق عمر المختار في 16 سبتمبر 1931، وعن هذا اليوم كتب الباحث في التاريخ، عمر الصلابي: "في يوم 16 سبتمبر من صباح يوم الأربعاء، عند الساعة التاسعة صباحا، نفذ الطليان حكم الإعدام شنقا في أسد الجبل الأخضر".

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

سعد لمجرد- أرشيف
سعد لمجرد- أرشيف

تحلّ اليوم (17 ماي) الذكرى الـ12 لرحيل الفنانة الجزائرية وردة (1939-2012)، والتي انطلقت من المنطقة المغاربية لتصبح أيقونة غنائية سحرت المشرق العربي لعقود بصوتها العذب، وتركت بصمة في ذاكرة عشاق الفن. 

تميزت المطربة وردة - واسمها الحقيقي وردة فتوكي - بمسيرة فنية حافلة جعلتها رمزا للأغنية العربية، ونجمة خالدة في ذاكرة محبي الموسيقى.

ولم يقتصر إبداعها على الغناء فقط، بل لعبت دورا هاما في تمهيد الطريق أمام جيل جديد من النجوم المغاربيين لاقتحام الساحة الفنية العربية.

وهذه بعض الأسماء الغنائية المغاربية التي أضاءت سماء الأغنية العربية. 

سعد لمجرد (المغرب)  

ولد سعد لمجرد عام 1985 في مدينة الرباط بالمغرب، وسط عائلة فنية عريقة، فوالده هو الفنان المغربي، البشير عبدو، ووالدته هي الممثلة نزهة الركراكي.

برزت موهبة لمجرد الغنائية مبكراً، فشارك في العديد من برامج المواهب، وكان أبرزها مشاركته في برنامج "سوبر ستار" عام 2007 حيثُ حصد المركز الثاني. 

الفنان المغربي سعد لمجرد (صورة من حسابه فسيبوك)

لكن نجم سعد لم يشرق بشكل حقيقي إلا مع صدور أغنية "سلينا" عام 2012، التي عرّفته على الجمهور العربي في المشرق.

وتبع ذلك شهرة جماهيرية هائلة مع إصداره لأغنية "لمعلم" عام 2015، والتي حققت نجاحا كبيرا في مختلف أنحاء العالم العربي، لتُصبح علامة فارقة في مسيرته الفنية.

يتميز سعد بأسلوبه الغنائي المتجدد وأغانيه الرومانسية الراقصة التي تُلامس قلوب الجماهير بالمشرق خصوصا في منطقة الخليج العربي. 

فلة (الجزائر)

تُعد فلة عبابسة (مواليد عام 1961) واحدة من أبرز المطربات الجزائريات، فقد اشتهرت بشكل خاص في التسعينيات وبداية الألفية، حيث حازت على لقب "سلطانة الطرب في الجزائر".

 تنحدر من أسرة فنية مشهورة في الوسط الغنائي المحلي، حيث كان والدها الفنان الراحل عبد الحميد عبابسة، وشقيقتها الفنانة الراحلة نعيمة عبابسة.

لكن نجاح فلة تجاوز حدود الجزائر، إذ وصلت أصداء صوتها العذب إلى المشرق العربي، حيث شاركت في مهرجانات وحفلات عدة، ونالت إعجاب الملايين. لها ألبومات عدة، من بينها "منور حينا" عام 1993، وأغاني مشهورة مثل "تشكرات" و"كان".

في عام 2018، أعلنت فلة اعتزالها المفاجئ للفن، لكنها تراجعت عن هذا القرار في وقت لاحق، ما أثار العديد من التساؤلات حول دوافع اعتزالها وظروف عودتها إلى الساحة الفنية، حيث حفرت بصمة لا تمحى في ذاكرة محبيها.

ذكرى (تونس) 

 ولدت ذكرى محمد يوم 16 سبتمبر 1966 في منطقة وادي الليل بمحافظة منوبة القريبة من العاصمة تونس، وهي الشقيقة الصغرى لإخوتها الثمانية.

بدأت ذكرى محمد مسيرتها الفنية بدعم من والدها، وقد اكتسبت شهرة واسعة في تونس والعالم العربي بفضل جمال صوتها وتمكنها من أداء الألحان الصعبة.

 أصبحت من أبرز الفنانات في جيلها بعد تحقيقها نجاحا كبيرا في مصر، حيث أحبها الجمهور واحتفظت أغانيها بشعبية كبيرة حتى بعد وفاتها الغامضة في نوفمبر 2003. 

تُعتبر ذكرى أفضل سفيرة للفن التونسي في المشرق، حيث لا يزال صوتها يتردد في أرجاء المنطقة عبر المنصات الإلكترونية والإذاعية.

"يوم ليك ويوم عليك"، "الله غالب"، "قالوا حبيبك مسافر" و"الأسامي"، هذه الأغاني  تتردد إلى اليوم على ألسنة محبيها التونسيين والعرب رغم مرور سنوات على رحيلها.

أحمد فكرون (ليبيا) 

المغني الليبي أحمد فكرون، المولود عام 1953، هو أحد أبرز النجوم الليبيين الذين اقتحموا عالم الموسيقى منذ السبعينيات، تاركين بصمة مميزة في ذاكرة محبي الموسيقى.

بدأ فكرون مسيرته الفنية في بنغازي، حيث انضم إلى فرقة موسيقية محلية، قبل أن يقرر السفر إلى لندن للدراسة في السبعينيات.

في العاصمة البريطانية، أسس فكرون فرقة موسيقية جديدة، وبدأ بتحقيق النجاحات في مسارح أوروبا، مقدما موسيقى عربية متجددة تلامس أذواق الجمهور الغربي.

في عام 1977، سعى فكرون لتحقيق حلمه بتأسيس فرقة عربية في بيروت، العاصمة الثقافية آنذاك، لكن الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان حالت دون ذلك.

لم تثن الحرب عزيمة فكرون، بل ألهمته تأليف أغنية مؤثرة بعنوان "لبنان يا لبنان يادمعة في بكاية"، عبّر فيها عن مشاعره تجاه المدينة المحاصرة بالألم.

لم يقتصر نجاح فكرون على أوروبا فقط، بل وصل إلى العالم العربي أيضا، حيث أصبح من أبرز مؤسسي الموسيقى العربية الحديثة.

المصدر: أصوات مغاربية